الجمعة، 4 يوليو 2014

طيفٌ تحت سقيفة الخشب


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



     








 إلى الله أشكو لا إلى الناس فقده


          ولوعة حزن أوجع القلب داخله (1)


     

       مع رسائل المعزين من القرابة والأحباب والأصحاب ،  ومع حرارة مصافحة العزاء من صادقي أهل حيي الأخيار أولي الألباب ،  تحس بالألم والشوق ، ويحيط بك من ذاكرة الفراق طوق ، يشدُّكَ شداً و يرميكَ رمياً تحت سقف ذاك البيت الطيني أو الخشبي أو المسلح الذي نشأ فيه من تعني ،  فترى فيه بعين الذاكرة لا الحقيقة أناسا وأشباحا .


       وقد ألقى بي هذا الطوق ليلة البارحة تحت سقفٍ خشبيٍّ شعبيٍّ قديمٍ ، رأيت فيه أُماً كبيرةَ السنِّ مع أبنائها الأيتام الستة نشؤا سويا فيه .

      ومما يزيد الألم والشوق حرارة القرب منهم فهم الأخوال .


      وهذا الألم والشوق هو تحديداً لمن فارقتُهم في ثمان سنين عجاف بحزنها لا بحقيقتها والحمد لله على أقداره وأفضاله ونعمائه.




       بدأت هذه الثمان بالجدة رحمها الله ، ليتلوها الخال الأكبر ثم حبيبة القلب ثم أحب أخٍ على قلبها (خالي علي )  رحمهم الله جميعاً .


      آلامٌ توالت على من يحس بها ممن له صلة بهذه العائلة الكريمة العزيزة على قلبي وإن كان في عرف غيري أن بين أحدهم والآخر مدة ، لكنها كغمضة العين .


      وقفت بعدها متأملاً !!!   كيف هو الحال إذا بمن فقد مثلهم في لحظة واحدة بحادثٍ أو عدوانِ معتدٍ كما نسمع ونشاهد والله المستعان وإليه المشتكى .

      بل كيف هو صبرُ من فقدهم كلَّهم ، ليبقى غريباً بعد أن كان معروفاً عزيزا ، حقاً من رأى مصيبةً أشدَّ وقعاً من مُصيبتِه حلت بغيره ، هانت عليه مصيبته وخفَّ عليه وقعها .

      لا أظن إلا أن كثيراً من أحبتي وقراء رسالتي على اختلاف الأسقف التي يشُدُ كل واحد منهم طوقه إليه قد مر به مثل ذا وذاق شيئاً من مرارته .


      حقيقة أحبتي والله إنَّ الأمر في قلب الصادق والمحب أليمٌ شديدٌ مرٌّ قد لا يطاقُ عند من لم يمنَّ الله عليه بعقيدة الإسلام ، ثم يثبته بشيئ من الإيمان بالقضاء والقدر ، ومن جرب فكانت يده في لهب النار ، ليس كمن يده في الماء البارد ...


      لذلك أجدها فرصةً لأذكر نفسي وإياكم بأربعة أمور :

أولها :
أنَّ الصبرَ دائماً هو الحلُ الناجعُ الوحيد  " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" وردد دائماً " إنَّ الله مع الصابرين " .

ثانيها:
احمدِ اللهَ كثيراً ؛ فالله يعطي أكثر مما يأخذ وعنده يوم القيامة بيتُ الحمدِ .

ثالثا :
لا تنسهم أبداً من دعائك وصدقَتِك ؛ فهم محتاجون لها وستحتاج مثلهم .

رابعا :
لا تغفل عن الموت ؛ فهو لن يغفل عنك ،  وقد يكون الدور عليك وينتظرك .

وختاماً أكثر من الصلاة على خير من فقدت الأمة جمعاء فكان فقده أعظم المصيبة ، إنه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تسليم لا ينقطع

اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأجدادنا وأخوالنا وأعمامنا وأزواجنا وقراباتنا وصديقنا ومن له حق علينا وعليهم من الأحياء والأموات يا سميع الدعاء

اللهم من كان منهم ميتا فأسبغ عليه شآبيب الرحمات وجعل قبره من روضات الجنات ومن كان منهم حيا فأطل عمره وبارك له شأنه كله وأحسن لنا وله الخاتمة يا رب العاليمن والحمد لله رب العالمين وصلى الله على أشرف الأنبياء والمرسلين

أخوكم أبو المسفرة 
في  ٦ - ٩ - ١٤٣٥هـ
تويتر saidalkhzmary@
saidalkhzmary@gmail.com




..................................................................
(1)  نبذة عن قائل البيتين الشمردل رحمه الله :  http://al-hakawati.la.utexas.edu/2011/12/28/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%B1%D8%AF%D9%84-%D9%88%D9%86%D8%B3%D8%A8%D9%87/