الأحد، 4 أكتوبر 2020

حين يكون الشابُّ قدوةً صالحةً

 بسم الله


 محمَّد بن أحمد المقبل رحمك الله 

 و جعلك في زمرة 《{ وحسن أولئك رفيقا }》





رحل عنِّي فجأة وبدون إشارة ، ولم أعلم مع أنَّه بجوارنا إلا حين أُخبرت 

أنّهم واروا جسده الطيب تحت الثرى

الله المستعان وإنّا لله وإنّا إليه راجعون

 فجلست أتأمل ليلتها حتى نمت في مكاني

والحزن الفطريُّ خالط جدران جناني

حتَّى أنَّي استيقظت قبل الأذان بوقت كبير ظنّا أن وقت الأذان قد حان

توضأت وخرجت مسرعا 

ما سمعت الأذان ما سمعت .. 

تبيَّن لي مع هدوء الليل أنِّي متوهِّم فتراجعت كما أنَّي توجعت


لحظةً من فضلك

بالنسبة لي قد يكون رقم ١٢ سنة كبير

لما حواه الرقم من تأمل الصَّلاح و الحرص و التَّأثير

ولكن رقم ١٨ مع الملازمة بلا شكٍّ هو الأكبر

..................................

وانتقل المشهد فجرا

نامت أعين عن صلاة الفجر بدون عذر 

وذلك الجسد الذي أتعبه الهمُّ وانسكبت منه تلك الدَّمعات ممَّا يَهدُّ الجسد 

ويدعوه غالبا للنَّوم وربّما حينها يعذر

تراه شاهدا معنا ومع بقية أبنائه صلاة ليست هي محلّاً لشهود المتخاذلين

ولست هنا في مقام تزكية ولا تذكية

مجرَّدُ تأمل


فلا أعجب إذا حين كنت أرى محمداً رحمه الله بين صفوف المصلين منذ طفولته رحمه الله رحمة الأبرار

كان أحيانا يغالبه النَّومُ

 وأحيانا هو يغالب النَّومَ

همم وربي عالية 💖


يا ربّ رحمتك بنا


وقفت وتاهت أحرفي .. ماذا أقول أيْ إخوتي

رأيت الدَّمع يتحدَّث

وحين يتحدَّث الدَّمعُ من أهل الفجر

فاعلم أن ذاك الشَّخصُ عزيز القدر

تأملت تلك الدموع الحارّة

ليست هي صادرة فقط من أبيه

بل حتى من أقل محبيه

ولكن ..

كانت هي من الأصل أصدق

كانت تخرج منهم أحرّ و أدقّ

كانت هي فعلا اللحظات المؤثِّرة

كانت درسا لي من الدُّروس المعبِّرة

صحيح أنِّي كغيري تأثرت وغدت نفسي منكسرة

ولكن ليست النائحة الثكلى كالمستأجرة

مثلٌ يُجسِّد واقع الألم ، و يُرجِع في المحبرة القلم

ليقول



أحسن الله عزاءهم وعزاءنا

وجمعنا بك يا محمَّد عند ربِّنا

إنّه أكرم الأكرمين

اللَّهم أحلَّ عليه مغفرتك ورضوانك واجعله عندك راضيا مرضيَّا

وأنله شرف الشَّفاعة و اجعله لوالديه شفيعا

وأعظم صبرهم وأجرهم

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: " يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة " رواه البخاري.







الخميس، 13 أغسطس 2020

رحمك الله أبا ياسر كنت للقلب آسر

 الجار والمربي عبدالعزيز الغفيلي أبا ياسر -رحمه الله-


هذا ما رأيته ونحن شهود في أرض الله

منذ سكن هذا الرجل بجوار جامع حسن المسحل بالدمام .. كان أصلا من أصوله .. لا تكاد تفوته الصلاة على مدى الأيام ، وكل من رآه أحبه وأبدى قبوله ، ليس بينه وبين أحد عداوة وملام بل الكل يبادله المحبة والاحترام

* علامات الصالحين هي مظهره و منطقه وفعله .

* كان دائما يشرك المسلمين ومن أوصاه في دعائه ويوصيني بذلك
وعن العاصي والمقصر كان يقول : 

هو مبتلى ندعو له و ندعو أن الله يعافينا مما ابتلاه به فهو أحق بالدعاء من المرضى ولا تحرم نفسك كل ما رأيت أحدهم تدعو له و إن استطعت فانصح وإن لم تستطع فدعاؤك نصيحة .

* كان دائما مبتسما يلاطف الصغير قبل الكبير ويصادق العمال قبل رجال الأعمال ولا ينكر هذا أحد من الجيران والإخوان .

بل كان بعضهم ربما يعيب عليه إحسانه إلى بعضهم وكأنه يشير إليه " لا ينبغي التساهل مع العمال بل العمل والعمل فقط هو التعامل معهم !! "


* لم يشتكِ يوما في أمر من أمور المسجد كتكييف أو انتظار أو مقدار صلاة الامام ولاشيء من ذلك ، وإذا لم يسأله الإمام والمؤذن فإنه لا يدلي برأيه في تلك الأمور ، بل كنت أراه أحيانا يرتدي معطفا في الصيف وكأنه يقول إذا بردت فلن أجادل ومعي الحل الميسور .

* كان يحب استماع كل ما يفيد في المسجد وخارجه .

* كان إذا رآني ربما مهموما يردد ، أكثر الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإنها شفاء .

* كان يعلق قلوب المرضى بالله و يوصي المريض ألا يُهمل جانب القرآن في العلاج .

* كان يقول عن مَرضِ السُّكَّر الذي فيه .. هذا داءٌ عالمي لكنّه للمسلم دواء يطهره من الذنوب

* فقد البصر تدريجيا بشكل متسارع و لاحظ الجميع حرصه على الصلاة مع ذلك وهذا لأنّ قلبه معلق بالمساجد قبل ذلك .. بل خرج فجرا لوحده معرضا نفسه للخطر بداية الضَّعف الشديد .

يقول لا أستطيع أسمع مناد الله وأصلي في البيت



ولمّا عجز تماما عن الرؤية ونُهي عن ذلك

أصبح يخرج عند الباب و ينادي السائق ، وإن أحسَّ أحدا يمشي ناده ليقوده للمسجد .

قال لي .. الحمد لله أنا فرحان فالنبي صلى الله عليه وسلم بشرنا في الحديث ( يقولُ: إنَّ اللَّه عز وجل قَالَ:"إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبدِي بحبيبتَيْهِ فَصبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجنَّةَ يُريدُ عينيْه، رواه البخاريُّ. )


* ثم ابتلي بعد ذلك بفشل كلوي .. هدَّ أركانه وما هدَّ لسانه .

كثيرا ما تسمعه يردد ( إذا أحبَّ الله عبدا ابتلاه )

* وهذا الحديث مرات سمعته يردده عَليَّ قبل مرضه وبعده ، يقول النبي ﷺ: أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل . )

* فلما أصيب بالعمى
قال لي
.. نبذل الأسباب للعلاج وإذا ما قدر الله لنا فالحمد لله
في الحديث (يَوَدُّ أَهلُ العَافِيَةِ يَومَ القِيَامَةِ حِينَ يُعطَى أَهلُ البَلَاءِ الثَّوَابَ لَو أَنَّ جُلُودَهُم كَانَت قُرِّضَت فِي الدُّنْيَا بِالمَقَارِيضِ) هذه نعمة كبيرة

* زرته مرتين أو ثلاث مع بعض من يحبهم في بيته بعد تعبه الأخير فكان يتهلل بشرا بقدوم الأحبة ويرحب و يسأل عن الأحوال ، فإذا سألته عن حاله يردد الحمد لله انا بخير و في نعمة الحمد لله

رحمك الله يا أبا ياسر وجعلك من أهل الفردوس الأعلى
كنت قدوة حسنة