الصفحات

الخميس، 21 نوفمبر 2013

ثلاثٌ لكأنَّ أُمي تشكُرُهم

ثلاثٌ لكأنَّ أُمي تشكُرُهم



 
وبعدُ يا أحبتي الكرام .. اسمحوا لي فيما أبثه من أشجان وخواطر بالقلب ، فلعلّ فيها عبراً من العبر وفوائدُ ربما استنبطها غيري ...

أناجي ربي فأقول

.. إلهي يا رحيم

 إني كلما ذكرتُ أمي وأيامَها الأخيرةَ ذكرتُ معها ثلاثةً لا يمكن أن أنساهم من مخيلتي ودعائي

 


 


 كيف !!

 

وكأنَّ أمي تقول لهم :

 
.. رُبَّ أخٍ لك لم تلده أمك ..
 
أو لكأنَّها تقول لهم :
 
اذهبوا فأنتم عجبٌ ، لله دركم تطبقون حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم
" صنائعَ المعروفِ تقي مصارعَ السُّوء "

ليسوا آباءً لها ولا أبناءًا ، ولا أعمامَ ولا أخوال ولا أشقاء ، ولم تجمعها بهم صلة نسب ولا قرابة شديدة ؛ إلا أنهم كرامٌ
ينظرون بنظرة الجسد الواحد وهل أعظم بلاغة من تداعيه بالسهر والحمى إنّه تشبيه بديع

 

نعم .. فقد عاشوا لحظاتها الأخيرة معها بقلوبٍ صادقةٍ وكأنهم إخوانٌ لها أشقاء .

 ربّما تفاعل معنا الكثير أو مع غيري تجاه غاليتنا رحمها الله والتي شرفت مدوناتي بحمل اسمها ..
ولكنّ هؤلاء جذبوا انتباهي ومروا في مخيلتي بمرور أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لكأنهم احتسبوا تطبيقها ..


 أما اثنان منهم فإنا كلٌ لله وإنا كلٌ إليه راجعون ، فقد أدركاها فيما صارت إليه فختارهما الله عنده رحماتُ الله عليهم أجمع

 

وأما ثالثهم فأسأل الرحمن الرحيم لها الثواب الجزيل وطول العمر في صحة ونعمة منه إنه الكريم ، امرأةٌ بارك الله لها في ذريتها وشأنها كله

بدايةً كلي حزنٌ على خبر الاثنان اللذان بهما أبدأ ولكنه أمر الله


 الأول منهما جارتٌ لها وصاحبةٌ في العمل الصالح بإذن الله

لم تجمعهما كثرة المجالس وإنما الذكر والدعاء والمحبة ، والعجيب أنّ أبناءها رفقةٌ وأصحابٌ لي ولبعض إخوتي كلٌ لمن هو في حدودِ عُمُره وكنت محباً لكبيرهم يوسف بورك فيه .


 اهتمت أمُّ يوسف لأمِّي رحمها الله كثيرا وأصابها تعبٌ مع همها ، وقد كان أبناؤها ينقلون لها أخبارها يومياً وهي تبذل لنا المشورة والدعاء وتطلب باستمرار زيارتها ولكنّ الوضع الصحي لوالدتي يمنع الزيارات ، فلمَّا اختار الله والدتي رحمها الله وأجرى عليها سير الموتِ ، كانت حينها هي أيضاً مريضةً ، وبعد أن ودعنا والدتي رحمها الله تأثرت وزاد مرضها (أمِّ يوسف) فمرضت مرضاً شديداً وكانت كل لحظة يأتي ذكرنا عندها بقدوم من أحدنا أو رؤية أو مجرد ذكر بدأت تلح بالدعاء لها بالمغفرة والرحمة كما حدثني ابنها الشيخ يوسف وكانت لا تزال على قيد الحياة رحمها الله ، بل كلَّما رأت أخي الأصغر زادَ تعبُها وخرَّت دمعتها شفقت عليه أَنْ فقدَ الأمَّ الحنون (كانت تردد هذا )


حتى جاءها الموت بمرضٍ مفاجئٍ ما عرفوا تشخيصه بعد تسعة من الأشهر أو تزيدُ ، رحمها الله رحمةً واسعة وأسكنها الفردوس الأعلى من الجنَّة .
 


 أما الثاني فمن جماعتنا يكنى أبا أحمد العم علي بن سعيد 
رحمه الله أصيب بمرضها الذي أصيبت به ، ويراجع ذات المكان الذي تراجع فيه رحمات الله عليهما ، وتكرر عليه عِلمُه بوجودها حين يصادف أحداً منّا معها  في المستشفى لما يَقدمُ إليه مراجعا لمواعيد لهُ
فأتى مرةً أو مرتين وألقى علينا وعليها السلام وهو يصدُّ ببصره عنها حياءً وديانةً ويدعو لها بالشفاء مع مرضه وآلامه .

وهذا لا يصدر إلا من قلب مؤمنٍ تقيٍّ نحسبه كذلك والله حسيبُه ، لم يبتغي بذلك ثناء أحدٍ إلا الله ولكنه يُقدِّرُ زوجها وقرابتها ويعرف قدر المريض القريب ولو بعُد ويسعى للأجر ، لم أسمع أحداً يوما ذكره بسوء ، كان يحبه القرابة ويحب القرابة ، ولولا أن أختي ذكرت لي هذا حين رأته في أحد ممرات المستشفى فقالت هذا الرجل من جماعتنا صنع هذا وهي لا تعرف من هو لما عرفتُ
فما أعظم قدره ، مريض يصنع ما لا يصنعه أو يغفل عنه بعض الأصحاء
" إلا صلى عليه سبعون ألف ملك "  / " لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع "  / " طبت وطاب ممشاك وتبوَّأت من الجنّة منزلاً "
 
 لكن الله اختاره قبلها بأسبوعٍ واحدٍ تقريبا أسكنه الله الفردوس الأعلى


وأما الثالثة فالمرأة صاحبة القلب الرحيم  " أمِّ محمد العبيد "
 جزاه الله وذريتها وبالأخص (أحمد / من أوصل لها خبرنا) جزاهم عنّا وعن والدتنا خير الجزاء ، فقد سعت جاهدةً محتسبةً في محاولةٍ صادقةٍ لتقديم شيء لوالدتي يكون سببا في شفائها بعد الله ، واهتمت ونظرة لنا نظرة الأم وكأننا أبناءٌ لها وتواصلت مع أخواتي ، فكانت تماماً مثل أمِّ يوسفَ - رحمها الله - تنظر بقلب الأمِّ لا نظر العين المجرد ، فما أعظم قلب الأمِّ ..

فتباً والله وتفاً لكل عاقٍ و مقصرٍ مع أمِّه

والله إنَّهم محرومون ما عرفوا هذه القلوب الكبيرة وأشغلتهم عنها نفوسهم الحقيرة وأعمالهم الكسيرة التي لا تجبرها جبيرة لتكون عليها حسرةً في دنياهم وأخراهم
 
 
ولكن آجال الله ماضيه ولن تحرم الأجر بإذن الله

اللهم أطل في عمرها وأحسن عملها وارزقها بر ذريتها وارحم اللهم زوجها وارفع درجته عندك ومنزلته واخلفه في عقبه خيرا فإنا نحسبه ممن وفق لمرأة فاضلة محتسبة مثلها ثبتها الله على الخير وزادها من عظيم أفضاله كل ما تتمنى وترجو .

" زوجها رحمه الله العم قيس بن محمد - رجلٌ عُرفَ كريماً سخياً محباً للخير توفي بعد وفاة والدتي - "


 

 
اللهم اغفر للعم علي بن سعيد ولجارتنا أم يوسف
اللهم اجعل قبورهم روضة من رياض الجنة واجعلهم ووالدينا من أهل الفردوس الأعلى
اللهم آمين
 


 أحبتي :
أنظروا حولكم ربما تجدون في صفحات حياتكم أمثالهم في زمن يندر المحتسبون فيه ، قوم نحسب أنهم أحبوا الله بصدق فأحبهم واختصهم بمثل هذه الأعمال

(" إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وقليلٌ ما هم ")

 
 
 

محبكم في الله

..وكتبه : أبو المسفرة..

*****************
البريد الإلكتروني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق